الأحد، أغسطس ٠٦، ٢٠٠٦

أصل الحكاية


لم يخرج الإنجليز من مصر بعد معاهدة الجلاء ليعودوا إليها بعد عامين فى 56 عند حرب السويس _فالأرض المحروقة لا تساوى شيئاً_بل كانت هناك مهمة لهذه القوات التى أُنزلت فى بورسعيد , وهى ضرب هذا النظام الجديد فى القاهرة. لقد أثبت البكباشى ناصر أنه مثير للشغب..صفقات سلاح مع الكتلة الشرقية ..مشاريع صناعية..سد عالى..وأخيراً كانت الضربة القوية
تأميم الشركة العالمية لقناة السويس البحرية شركة مساهمة مصرية. لم يكن الصلف الإستعمارى قادراً على السكوت أمام هذه الصفعة المدوية , وكذلك لم يكن القائد الشاب قادراً على الصمت أما إهانة سحب تمويل السد , ومحاولاتهم من أجل تحجيمه منذ البداية, والقضاء على مشروعه التنموى
لقد كان المطلوب هو رأس القائد الشاب , قالها إيدن نحن لسنا أعداء للشعب المصرى....عدونا هو البكباشى ناصر. بالطبع لم يكن المطلوب هو ناصر الفرد , ولكنه ناصر الرمز.لقد كان المطلوب هو القضاء على رمز الصمود , رمز التحدى , رمز المطالبة بالحقوق , رمز البحث عن مستقبل أفضل للإنسان المصرى والعربى

لم تخرج إسرائيل من الجنوب اللبنانى لتعود إليه ثانية فى هذه الفترة الوجيزة فالأرض محروقة هذه المرة أيضاً و ولكن السيد الأمريكى كان قد حدد هدفه وقرر وعلى الذنب صاحب المصلحة التنفيذ فوراً..العودة من أجل القضاء التام على المقاومة .. القضاء التام على أى صوت يقول لا فى هذه المنطقة. لابد أن يكون الشرق الأوسط الجديد نظيفاً من المعارضين .. لابد أن يكون الجميع مبارِك أو مبارَك سيان هذا هو القرار الإستراتيجى للعدو الإستراتيجى
يسير السيناريو بخطوات متسارعة...يساعدهم فيه العملاء والأغبياء والجهلاء كل يؤدى دوره على أكمل وجه..من قتل الحريرى إلى إخراج سوريا ثم إخراج حزب لله ذاته من الجنوب وكأنهم يخرجون منظمة التحرير الفلسطينية مرة ثانية بعد إخراج مصر من معادلة الصراع العربى ..

لقد اجتمعت الكروش الوفدية والخيالات الحزبية لتشكيل حكومة ظل , فأخذوا يتقاسمون مصر بينهم. هذه لزفت الطين باشا وتلك لبقلاوة بيك, وقاموا بإرسال قائمتهم السوداء إلى الإنجليز بينما الناس تقوم بصد العدوان فى بورسعيد , وظلوا منتظرين السقوط الذى يحمل عودتهم , ولكن مشيئة الله وعزم الرجال أخرتهم لعقود

لقد أجلستهم المقاومة فى منازلهم لم يعد لهم أى دور... أين كانوا عندما كان الجنوب محتلاً, ماذا فعلوا لتحريره جيشهم المطالبين له بالسيادة كم ساعة يستطيع أن يصمدها أمام كتيبة كوماندوز صهيونية. جلسوا يتآمرون عليها كل يريد دوراً بعد خروج السوريين ودخول السيد الأمريكى إلى الحلبة , والجميع معلقة عيونهم بالعم سام فى إنتظار نصيبه من الكعكعة.
جنبلاط يعتقد أنهم ظلموه فى اتفاق الطائف , فها هو يملئ الدنيا ضجيجاً بحثاً عن دور أى دور حتى لو جعلوه قواداً فهذا أعز المنى
ابن الحريرى تاجر بجثة أبيه حتى اهترأت الرفات بين يديه , وجعجع وإخوانه يعتقدون أن الفرصة مواتية لوطن قومى مارونى فى لبنان
دعوهم يحلمون , وقاتلوا أنتم ...لم يبقى أحد

لم ينجح الإنجليز فى حرب السويس وخرجوا , لأن روح المقاومة كانت تملئ جنبات الشعب من فيض ثورية القيادة

لم ينجح الصهاينة حتى بعد أن دخلوا بيروت لأن نور المقاومة أضاء ليل الفرقاء فهداهم إلى الطريق القويم , وجذب الكراسى من تحت أرداف تجار الأوطان

تشاء سخرية الأقدار أن تهزم مصر بعد نصر عسكرى بعد تحول دفة القيادة من الشرق إلى الغرب جاءت القوات الأجنبية إلى سيناء على رأسها القوات الأمريكية أبعد الجيش المصرى 150 كيلو عن الحدود , حددت نوعية السلاح ومصدره , ,عدد القوات المستعدة للقتال , وقضى تماماً على الإنتاج الحربى و وتم تددمير الكيان الإقتصادى لصالح كيان أخر قائم على المعونة . أخرجوا مصر من الصراع , ودخلوا إلى قلب القاهرة سدوا الشرايين , وأوصلوها سريعاً إلى غرفة الإنعاش

للإنصاف لم تتحول الدفة تماماً فى لبنان إلى الغرب ... , ولكنهم يحاربون من أجل هذا فالشرق الأوسط الجديد الكبيرلا يحتمل دفة شرقية فهاهم رغم الإنتصارات يريدون أعداء الخارج والداخل أن يفرضوا علينا الإستسلام ..نزع سلاح حزب الله , قوات دولية فى الجنوب , تسوية للقضية يتبعها دخول صهيونى إلى قلب بيروت. فتضيع القيم وتنهار المبادئ وتتغير المفاهيم وترى الشاب اللبنانى المناضل يخدم بيديه التى حملت السلاح يومياً صهيونياً فى إحدى مقاهى شارع الحمراء كما يفعل المهزوم فى طابا وشرم الشيخ

إنها لا تهزم الجيوش ولكنها القلوب التى فى الصدور