السبت، مايو ٠٦، ٢٠٠٦

قال التاريخ


إن القارئ فى كتاب التاريخ ليلاحظ تشابه كبير بين فصوله وعصوره مهما تباعدت وفارقت بينها السنون والأيام. فالمستعمر القادم من عليائه للاستيلاء على ثروات أمم وشعوب قابعة عند قاعدة الهرم الحضارى. تصور له شياطينه وعقله المريض أن هذه الأمم بتخلفها الحضارى عنه قد إنحدرت إلى مراتب الحيوانات وأضمحلت عقولها حتى كادت أن تختفى, فيمكنه أن يصور الاستعمار معبراً إلى الحرية وجيوش الغزاة ملائكة للرحمة وجيشاً للرب جاء يبدد سنوات القهر والعبودية. لافرق فى ذلك بين مستعمر من القرن الثامن عشر ومستعمر من القرن الحادى والعشرين. فعندما تصور الأمريكيون فى حربهم الأخيرة على العراق أن الشعب العربى بالعراق سيستقبلهم استقبال المحررين محيهم بباقات الورد والياسمين. لم يكونوا أول من ظن ذلك فهذا هو المسيو (تاليران) وزير خارجية فرنسا إبان الحملة الفرنسية على مصر يرغِب حكومة الديركتوار فى مخططها الإستعمارى فيقول(إن أهالى مصر قاطبة يكرهون حكامهم المماليك الذين يسومونهم الظلم والاضطهاد, وهم عزل لا سلاح معهم, وإذا أعطاهم المماليك سلاحاً بحجة الدفاع عن البلاد من الغارة الأجنبية لإإنهم لا شك سيحاربون بها طائفة المماليك أنفسهم, فليس ثمة خوف من مقاومة أو وئبة من الأهالى) ونراه يقول أيضاً فى موقع أخر من تقريره هذا(إن الشعب المصرى سيتلقانا باحترام لأنه يأمل من زمن مديد أن يتخلص من حكامه الظالمين).
وبالطبع مثلما خاب ظن الأمريكيين فى العراق , فقد سبقتهم فرنسا فى الخيبة,فيقول المسيو ريبو فى كتابه *تاريخ الحملة الفرنسية فى مصر الجزء الثانى(قد كان من الصعب أن توجد أمة تبلغ بها السذاجة مبلغ أن تنتظر الخير من جيش يركب متن البحار ويستهدف للأخطار ويحتل بلادها ويخوض فيها غمار الحرب لمجرد الدفاع عن مصالحها, ولا يمكن أن تؤثر المنشورات والكلمات الضخمة فى تغيير حالة الشعب النفسية, لذلك كان الوجه البحرى بالرغم من احتلاله وانهزامه غير خاضع ولا مستسلم , وكثيراً ما تمردت القرى التى مر بها الجيش الفرنسى ورفعت علم الثورة).
ويبلغ التشابه حده فى فصول كتاب التاريخ عندما نعلم أن مراد بك عندما انهزم فى أخر معاركه الحربية النظامية وهى معركة سدمنت نظراً للتفوق العسكرى الكبير لدى الفرنسيين بمدافعهم الحديثة وتنظيم جيشهم. أتجه إلى حرب الشوارع التى نسمع عنها الآن وتدور رحاها بين المقاومة العراقية والجيش الأمريكى, والمثير أن هذه الحرب كانت أشد أثراً على الجيش الفرنسى من الحرب النظامية ويقر هذا المسيو ريبو فى كتابه السالف الذكر فيقول( إن مراد بك قد أخذ عن العرب حرب المناوشات والمعارك المتفرقه ,فلم يهداء للفرنسيين بال ولم يستقر لهم قرار.... وكان هذا النوع من الحرب أشد خطراً على الفرنسيين من المعارك المنظمة لأنهم فقدوا الراحة والطمأنينة, وأضطرتهم هذه المقاومة إلى مداومة الحملات والرحلات المنهكة, دون أن يتمكنوا من التغلب على خصم لاينال). ولا نملك إلا أن نؤكد على ما أقره المسيو ريبو من أن مقاومة الشعب , وتكتيكات حرب الشوارع, وإرادة الثورة فى ضمير الأمة خصم لاتنال منه مدافع بونابرته ولا صواريخ جورج بوش

هناك ٤ تعليقات:

السهروردى يقول...

علشان نبقى محقين برضه للتاريخ ذكر أن حكم المماليك أثر تأثير سلبى على المقاومة فى وجه بحرى و لم تقم أى ثورات ضد حملة نابليون إلا بعد ثورة القاهرة الأولى فى وجه بحرى
أما فى وجه قبلى فالصعايدة سيادتك شيبوا نابليون لدرجة أن المقاومة أستمرت لمدة عشر أشهر منذ بدء الحملة على مصر
أنت قريت قصة يوسف إدريس (سره باتع ) فى مجموعة حادثة شرف ؟
أظن ليها علاقة باللى أنت بتقوله إلى حد ما

أجدع واحد في الشارع يقول...

بجد انا والله مش عارف اكتب ايه بس ده كلام جميل

shady يقول...

السهرودى فعلاً المقاومة أتأخرت فى بحرى بس يمكن علشان المعركة الأساسية أستنذفت الفلاحين جامد مش فاكر دلوقت أرقام خسايرهم فى امبابه بس المعروف أن المماليك كانوا بيعتمدوا عليهم فى المعارك ويرموهم فى مواجهة مدافع الفرنساويه
أبن الشارع
مش لازم تكتب حاجه كفايه أنك شرفتنا

أجدع واحد في الشارع يقول...

ربنا يخليك